امبراطورية أمريكا المريضة
هآرتس – افتتاحية - 28/9/2008
امبراطورية مريضة جدا
بقلم: أسرة التحرير
درج على القول انه في العام 1929، مع انهيار البورصة في وول ستريت قفز مئات من المضاربين نحو موتهم من ناطحات السحاب في منهاتن.... وفي الواقع سجلت حالات انتحار معدودة.
الضربة الحقيقية وقعت بعد ثلاث سنوات من انهيار البورصة، عندما دهورت أزمة واسعة النطاق في قطاع البنوك الاقتصاد الامريكي الى درك اقتصادي استمر تقريبا حتى نهاية العقد.
في العام 1932 وصل عدد الانتحارات في الولايات المتحدة الى رقم قياسي.
لا احد ينتحر الان في وول ستريت.... من ليسوا اقتصاديين يتعاطون مع الفوضى في الكونغرس ومع انهيار مؤسسات مالية كأحداث عادية.
السخافة هي أنه في العام 1929 كانت اقلية الاقلية من مواطني الولايات المتحدة تستثمر في البورصة.... اما في العام 2008 فيكاد يكون كل أمريكي عامل يستثمر فيها مباشرة او بشكل غير مباشر ويتأثر بالسقوط المدوي للبنوك، شركات التأمين ودور الاستثمار.
وعليه فمن الصعب أن نفهم عدم الاكتراث النسبي الذي تستقبل فيه الاحداث الاقتصادية للشهر الماضي.
بعد ثلاثة ايام من النقاش المكثف، افشل الكونغرس الامريكي في نهاية الاسبوع خطة الطوارىء لوزارة المالية.... والجمهوريون بالذات هم الذين عارضوا الخطوات التي صادق عليها جورج بوش، وفي الخلفية انهار لتوه بنك ضخم آخر – واشنطن ميوتشول.
الاثار هي فورية وأليمة على اسرائيل ايضا – سقوط البورصة واسواق شهادات الاستثمار يمس بالاستثمارات وبكل من يوفر للتقاعد.
التوقع على المدى المتوسط مهدد بقدر لا يقل عن ذلك: المزيد من البطالة، معدل اقل للنمو، انخفاض في مستوى المعيشة، تراجع في السوق العقارية، هناك مثلما هو هنا.
الولايات المتحدة، القوة العظمى السياسية، الاقتصادية والعسكرية الاكبر منذ الامبراطورية الرومانية تمر الان بازمة وجودية.
وبتعابير اقتصادية، فان حجم الازمة هو الاكبر منذ دخل فرنكلين دلانو روزفيلد البيت الابيض.... وبتعابير ايديولوجية – هي الاكبر منذ الحرب الاهلية.
البرج الورقي لافعال السحر المالية – اكاذيب تقوم على اساس الافتراض بان ما يصعد سيواصل الصعود، وانه يمكن اقراض المال دون حدود وعدم دفع الثمن في نهاية الشهر – انهار امام ناظرينا في السنة الاخيرة. المدماك الذي انهار الان، مع تأميم شركات قروض الاسكان والتأمين ومع افلاس ليمان برذرز، هو الذي تستند اليه المنظومة المالية الامريكية وايديولوجيتها الراسمالية.
الراسمالية لم تمت، ولكن الشكل الذي تطبق فيه في امريكا في العقد الاخير يحتضر.
العناية المكثفة التي تعرضها عليه الادارة الامريكية اشكالية للغاية، ولكن يبدو أنه لا يوجد الكثير من الخيارات.
أمريكا في مسار الافول، ومعها كل من كان شريكا لايمانها الكاذب بالقروض المجانية.
والمفارقة هي ان الرئيس الذي في فترة ولايته نشأت فقاعة الاقتراض وفي نهايتها انفجرت الازمة، هو ابن الرئيس الذي وعد بنظام عالمي جديد.
الوعد يتجسد، ولكن بشكل مغاير تماما عن ذاك الذي قصده بوش الاب.
في تشرين الثاني سينتخب رئيس أمريكي جديد.... التحدي امامه كبير – اشفاء امبراطورية عروقها تجف وقلبها معطوب بنوبة.