الجزائر: تواصل المواجهات بين مواطنين ورجال الشرطة في حي باب الوادي بالعاصمة
غزة - دنيا الوطن
تواصلت أمس الخميس أعمال الشغب والمواجهات بين مواطنين وقوات الشرطة في أحد أحياء باب الوادي الشعبي بالعاصمة الجزائرية، وذلك في أعقاب شروع السلطات المحلية لولاية العاصمة في ترحيل سكان عدد من الأحياء العشوائية والمساكن غير اللائقة نحو شقق جديدة.
وكان سكان حي ' الكاريار' ( المحجرة) الواقع في باب الوادي قد انتفضوا منذ خمسة أيام بسبب عدم استفادتهم من مساكن، ومارسوا أعمال شغب وتخريب، ودخلوا في مواجهات متواصلة مع رجال الشرطة، الذين اضطروا لاستخدام الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وقد عاش سكان الأحياء القريبة من باب الوادي حالة من الخوف والقلق خلال الأيام الماضية، فمنذ شروع السلطات المحلية في عملية ترحيل سكان الأحياء العشوائية بالمنطقة بدأت مؤشرات الفوضى، خاصة وأن عملية الترحيل لم تشمل عشرات العائلات من أحياء ' فونتان فراش' و' لابوشري' الواقعين بالقرب من حي ' الكاريار'. المثير في الأمر أن سكان حي ' الكاريار' هم الذين حركوا عمليات الشغب احتجاجا على إقامتهم في مساكن غير لائقة منذ سنوات، مستغلين إقصاء سكان حيي ' فونتان فراش' و' لابوشري' من عملية توزيع الشقق الجديدة، في حين تبرأت العائلات المقصية من العملية الحركة الاحتجاجية، مؤكدة على أنه لا علاقة لها بشباب حي ' الكاريار'.
وتسببت المواجهات في إصابة العشرات من رجال الشرطة بجروح من جراء الرشق بالحجارة الذي تعرضوا له، كما أصيب العشرات من المتظاهرين بجروح متفاوتة الخطورة استدعت نقلهم إلى المستشفى، كما تسببت الأدخنة المنبعثة من إطارات السيارات التي أضرم فيها المتظاهرون النيران، وكذا الغازات المسيلة للدموع في حالات اختناق وسط السكان القريبين من موقع المواجهات.
كما أدت المواجهات إلى إضرام النار في سيارتين وكسر زجاج أكثر من 50 سيارة أخرى تعرضت للرشق بالحجارة، وتعرضت للتخريب والنهب معدات شركتين أجنبيتين الأولى تعمل في ورشة لإنشاء مصعد هوائي، والثانية في مجمع مائي. ورغم حالة الهدوء النسبي التي عرفها حي ' الكاريار' إلا أن الحشود الأمنية تعززت أكثر، لتطويق المنطقة وتأمينها، وفتح الطريق أمام حركة السير، دون خوف من تعرض حياة المارة إلى خطر.
ويطالب سكان أحياء ' الكاريار' باستفادتهم من شقق على غرار سكان الأحياء الأخرى، خاصة وأنهم يقطنون بعائلات تتجاوز أحيانا كثيرة الـ 10 أفراد في مساكن مشكلة من غرفة واحدة في غالبيتها، وذلك منذ أكثر من 40 عاما، أما سكان أحياء ' فونتان فراش' و' لابوشري' فقد أكدوا على أنهم حرموا من الحصول على مساكن بسبب اللجنة المكلفة بدراسة الملفات، والتي لم تكن نزيهة في عملها على حد قولهم، مستغربين إقصاءهم من عملية الترحيل في الوقت الذي قضوا فيه حوالي 50 سنة في بيوت من صفيح.
وتأتي عمليات الترحيل هذه في إطار برنامج واسع خططت له الحكومة من أجل القضاء على الأحياء العشوائية في العاصمة، والذي يشمل توزيع آلاف المساكن الاجتماعية، التي ينتقل إليها المواطنون مجانا تقريبا، مع تسديد مبلغ إيجار متواضع جدا، ولا علاقة له بأسعار الإيجار في سوق العقار، والتي بلغت أسعارا خيالية، خاصة في العاصمة والمدن الكبرى.
وفتحت سياسة الدولة في هذا المجال الباب لتزايد مطالب الحصول على مساكن، كما شجع على تنامي الأحياء العشوائية مثل الفطريات، خاصة وأن هذا النوع من البيوت الهشة يفتح في غالب الأحيان الباب للحصول على سكن، في الوقت الذي تبقى فيه الطبقات المتوسطة تعاني بين البينين، فلا هي تستطيع الإقامة في البيوت العشوائية، ولا هي قادرة على شراء شقق أضحت أسعارها تضاهي أسعار الشقق في كبريات العواصم الأوروبية.
كما أن تنظيم توزيع الشقق التي تبنيها الدولة أصبح معادلة صعبة ومن المستحيل أن تقنع كل الأطراف، خاصة في ظل وقوع الكثير من حالات الغش، الأمر الذي يحرم الكثيرين من أصحاب الحق من الحصول على سكن لائق، وهو ما يجعل أزمة السكن مستمرة وجهود الدولة غير قادرة على وضع حد لها، رغم المبالغ الكبيرة التي تصرفها في هذا المجال.
جدير بالذكر أن سكان حي ' ديار الشمس' الواقع بأعالي العاصمة انتفضوا منذ حوالي 6 أشهر ودخلوا في مواجهات مع رجال الشرطة، بسبب المساكن التي يقيمون فيها،على اعتبار أنها لا تتوافر على أدنى شروط الحياة الكريمة، وقد تدخلت الحكومة ووعدت بإسكانهم في شقق جديدة، وهي العملية التي تم الشروع فيها مؤخرا.